قلة الثقة بالنفس تحوّل ال

هل يمكننا أن نكره ونحب في الوقت نفسه؟ هذا ممكن فعلا وفق ما تؤكده دراسة أميركية، لكن الخطير في الأمر أن من يقع في مثل هذه العلاقة غير المتساوية هم الأشخاص الذين تكون ثقتهم ضعيفة بالنفس.

كل ما يفعله الطرف الآخر يقودكم إلى الجنون. تكرهون الطريقة التي يلبس فيها حذاءه، تكرهون غناءه المزعج في الحمام، تكرهون كيف ينظف أسنانه بسرعة.. لا تطيقون العطر الذي يستعمله ولا القميص الملون الذي يرتديه دائما. لكن ما يبدو غير قابل للتحمل أكثر من أي شيء آخر، هو تصور الحياة من دون وجوده.
هل من الممكن حقا للمرء أن يحب ويكره في الوقت نفسه؟ لقد حاول فريق من الاختصاصيين من جامعة ييل حل معضلة هذا الشعور.
مشاعر غير متوازنة
تشير نتائج العديد من الدراسات التي نشرت في مجلة «جورنال أوف بيرسوناليتي أند سوشيال سايكولوجي» إلى أن سبب العلاقات التي يتصارع فيها الحب مع الكراهية، يمكن أن يتمثل في ضعف الثقة بالنفس لدى واحد من الزوجين. وفي الغالب تكون جذور هذه المشاكل ممتدة حتى فترة الطفولة عندما يفتقد هؤلاء الأشخاص اعتراف وتقدير أهاليهم، لذلك يدخلون علاقاتهم الخاصة لاحقا بشعور أنهم لا يستأهلون ذلك الحب أبدا.
لقد كان أمام المشاركين في البحث مهمة تقييم شركائهم بشكل إيجابي، لكن أيضا بشكل سلبي. واجاب الذين يتمتعون بثقة أكبر بالنفس عن الأسئلة من دون أي تردد، ولم تكن لديهم مشكلة في تقييم شركائهم كخليط من الخصائص الجيدة والسيئة. أما الذين كانت ثقتهم بأنفسهم متدنية فكانوا يتلكأون بالإجابة، ويحاولون تقييم شركائهم من وجهة نظر أحادية الجانب فقط، وبناء على وضعهم النفسي الآني.
«عندما تكون الأمور على ما يرام، فإن أحد الشركاء يسعى لجعل الآخر مثاليا، فيرى فيه أفضل الصفات الممكنة ولا يملك أي مشكلة للانفتاح نحوه» كما تفسر البروفيسورة كلارك من جامعة ييل «لكن بمجرد أن يحدث انعطاف عاطفي ولا تبدو العلاقة مثالية، فإن الشريك الذي تكون ثقته بالنفس ضعيفة يركز عندئذ على الخصائص السلبية فقط لشريكه، ويعبر عن رغبته في إنهاء تلك العلاقة». 
إلا أن الأشخاص الذين لا يثقون بأنفسهم لا يكونون عادة قادرين على الخروج من العلاقة المعينة، حتى لو كانت غير ملائمة لهم، لذلك فإنهم غالبا، وبعد أعوام طويلة قد تصل إلى عشرات الأعوام، يصطدمون بالنموذج التالي للعلاقات الفريدة: «لا أستطيع العيش معك، لكنني لا أستطيع العيش حتى من دونك».
الحب القاتل
إلا أن الحياة لا تعمل وفق مبدأ الأسود والأبيض ولا يجب بالضرورة فهم الكراهية والحب كعدوين لدودين. فالحروب تشن من أجل الحب عادة، وليس بسبب الكراهية، ولأجل الحب أيضا يلجأ المرء حتى الى القتل.
«لكل عاطفة مجموعة من الأشكال، إلا أنها لا يقف بعضها ضد بعض في معارضة دقيقة، كما أنه يمكنها أن يغطي بعضها على بعض. والأمر مشابه في حالة الحب والكراهية، فأحيانا يتشابهان وأحيانا أخرى يتناقضان» كما تفيد كلارك وتتابع «انه يوجد بالطبع أنواع أكثر للحب من تلك الموجودة للكراهية».